معاثر التصنيف في علوم القرآن؛ نقد منهجيّ وتقويم إبستمولوجيّ

أحمد ذيب

يقصد هذا البحث إلى مساءلة «علوم القرآن» مساءلة ‏إبستيميّة، ويسلّط الضوء على عشرة معاثر في التصنيف في علوم القرآن مع تحليلها ومناقشتها، وذلك بعد مدخل منهجي في منطق تأسيس العلوم وصيرورتها.

  من الإشكالات المنهجية البادية في الساحة المعرفية أنَّه كُلَّمَا تنامَى الحديث ‏حول نسق معرفيّ ما؛ إلّا تَفاجَأْنَا بتحوّله -بعد فترة يسيرة- إلى علم مستقلّ دون أن ‏يستكمل متطلبات العلمية وشرائطها.

وإذا ما جئنا إلى «علوم القرآن» باعتبارها حقلًا ‏إبستمولوجيًّا وجدنا أنَّها لم تُعلِن عن نفسها كنسق معرفي سوى في القرن الثامن الهجري ‏على يد الإمام الزركشي (ت: 794هـ)، أي أنَّها متأخّرة عن سائر العلوم الشرعية بخمسة ‏قرون كاملة. ‏

وإذا ما نحن تجاوزنا إشكالية تأخّر الظهور لاحَتْ لنا إشكالات منهجيّة أخرى؛ ‏كاضطراب التعريفات، والْتِـيَاث الموضوعات، والامتزاج مع العلوم القريبة، وضمور ‏المنهج.

ولن نكون مبالغين إذا ما ادّعينا أنَّ «علوم القرآن» في صورتها الراهنة ما تزال ‏تبحث عن هويّتها المنهجية؛ فهي عاجزة عن رسم حدودها الإبستمولوجية مع سائر ‏الحقول المعرفية القريبة منها؛ فَضْلًا عن اجتراح أدواتها المنهجيّة الخاصة.

وإنَّ هذه الهموم المنهجية تدعونا إلى ضرورة مساءلة «علوم القرآن» مساءلة ‏إبستيميّة؛ بغية رسم حدودها، وضبط مصطلحاتها، وتحديد موضوعاتها، واستظهار ‏وظائفها، وارتسام مناهجها. ‏ولا ينبغي أن يُفهم من التساؤل المثبت في العنوان «معاثر التصنيف في علوم ‏القرآن» الانتقاص من هذه المعرفة، ولا الحطّ من جهود أصحابها؛ لأنَّ طرح «سؤالات ‏العِلمية» مسلك معتاد معروف في سائر الحقول المعرفية التي تشهد أزمات منهجيّة، على ‏غرار: علم الاجتماع، علم السياسة، علم الاقتصاد الإسلامي، وعلم الفلسفة.

ويسلّط هذا البحث الضوء على عشرة معاثر في التصنيف في علوم القرآن، وهي: تَأخُّر الظهور وإهمال التدوين، مشكلة الأوّليّة، تعاريف متأخّرة ومضطربة، التعدّد اللقبي، غياب الجهاز المصطلحي، موضوعات مفتوحة، سحر العدد، اختلاط الموضوعات، طغيان الببليوغرافيا، تباين التصنيفات. وذلك بعد مدخل منهجي في منطق تأسيس العلوم وصيرورتها، ثم يُختم البحث بخاتمة فيها أهم النتائج المتوصّل إليها.

Tafsir Center for Quranic Studies | مركز تفسير للدراسات القرآنية

www.tafsir.net